الخميس، 27 أغسطس 2009

كلمة السفير الهولندي - ضمن سلسلة (رمبرانت في عمان)




كلمة ستيفان فان ويرش، سفير مملكة هولندا


حفل افتتاح معرض رمبرانت في عمان بفندق جراند حياة مسقط، 19 أغسطس 2009


السفير الهولندي ستيفان فان ويرش


أصحاب السمو، أصحاب المعالي والسعادة، سيداتي آنساتي سادتي،



هنالك لوحة بورتريه شخصية رسمها رمبرانت لنفسه يظهر فيها بملابس شرقية. وخلال القرن السابع عشر الميلادي وفي الفترة التي عاش فيها رمبرانت، انتشرت قصص في الجمهورية الهولندية عن الشرق الغامض وعن البلاد التي نمت بشكل كبير وصارت من القوى البحرية والتجارية الممتدة من الأمريكيتين إلى الشرق واليابان. ولم يكن انبهار رمبرانت بالشرق غامضا، ولكن هل خطر ببال رمبرانت ولو لبرهة من الزمن بأن أعماله ستعرض في الشرق؟ لا أظن ذلك. ولكننا اليوم وبعد أربعمائة سنة حققنا ذلك. وأنا فخور بأن هذا الحدث يقام لأول مرة في العالم العربي، وأفضّل أن أنطقها على الطريقة الفرنسية (بريميور). إنه حدث فريد من نوعه حقاً.



وأود في مقامي هذا أن أشيد بجهود الحكومة العمانية، وأخص بالذكر وزارة التراث والثقافة ووزيرها صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد، وكذلك مكتبة السالمي وغيرهم من العمانيين وغير العمانيين الذين بذلوا جهودا كبيرة في الإعداد لهذا المعرض كي يرى النور. ولا أخفيكم أن هذه المهمة لم تكن بالمهمة السهلة، فقد واجهتنا العديد من التحديات من حين لآخر، وإنني لعلى يقين بأن متحف بيت رمبرانت – القائم على حفظ أعمال الفنان – يثمّن هذه الجهود والتعاون المثمر. كما لا يفوتني أن أشيد بجهود الشركة الوطنية للفنون وتنظيم الفعاليات التي أنجزت الكثير في سبيل إقامة المعرض، ولا ننسى كذلك فندق جراند حياة مسقط المستضيف لهذا المعرض الكبير.



وأود هنا أن أسلط الضوء على بعض جوانب هذا المعرض:



- أولا، المعرض يعيدنا إلى القرن السابع عشر الميلادي، ولذلك أهمية كبيرة، حيث شهد هذا القرن اللقاء الأول بين العمانيين والهولنديين. وقد كانت هنالك العديد من الأوجه المشتركة بين هاتين القوتين البحريتين. وحين دخولكم إلى القاعة الكبيرة، سترون معرضا مصغرا يمثل العلاقات الثنائية بين عُمان وهولندا. وقد أحببت ما قاله حاكم مسقط لشركائه التجاريين الهولنديين في عام 1665م: "ميناؤنا هو ميناؤكم". وبذلك فنحن نشهد التعاون العماني الهولندي ليس فقط في الحاضر، بل وفي الماضي البعيد أيضا. وعندما أتذكر ميناء صحار – المشروع الضخم الذي جاء ثمرة للتعاون العماني الهولندي – يعود إلى أذني صدى عبارة كلمات حاكم مسقط في القرن السابع عشر الميلادي: ميناؤنا هو ميناؤكم...



- وبالنسبة لفن النقش، فإنه من الممتع معرفة أن هذه التقنية قد تم تطويرها في العصور الوسطى بواسطة صانعي السلاح العرب وذلك عن طريق نقش تصاميم مختلفة على الأسلحة. وبعدها تطور هذا الفن بشكل أوسع في أوروبا للطباعة على الورق. وبناء على ذلك فإن هذا المعرض يعود ليبرز أحد جوانب التفاعل القريب بين العالم العربي وأوروبا على مر العصور.



- وأخيرا، وبالنسبة لأعمال النقش، فإنني شخصيا أجدها غاية في الروعة، ذلك لأنني من خلالها أستشف عبقرية رمبرانت. كما أنه لا يفوتني أن أذكر في البداية استخدامه المميز للضوء والظل سواء في النقش أو الرسم. وتتجلى من خلال أعمال النقش أعجوبة رمبرانت، خصوصا وأنه لم يعط التشابه أهمية بقدر ما أعطاها للشخصيات المعبرة عن المزاج والعواطف مثل السعادة والجاذبية والمفاجأة والخوف والمشاعر. وهنا نلامس أبرز ما يمكن أن نستخلصه من أعماله، ألا وهي إنسانيته. وقد كتب الباحث والخبير جيري شوارتز – الذي يشاركنا الحدث الليلة – عن رمبرانت قائلا: "لقد كان أكثر ما يلهم رمبرانت ضعف الإنسان، بل وأكثر من ذلك قوة الإنسان. وقد وجد رمبرانت ذلك ليس فقط في الأفعال البطولية، بل وحتى في مواقف كالاستسلام والتأمل". إن الفنان الذي يستطيع أن يوصل تلك الرسالة، هو في الواقع فنان يتجاوز خطوط مختلف الثقافات.



- ولا يفوتني أن أنوّه أن هذه سنةٌ حافلةٌ في العلاقات العمانية الهولندية في المجال الثقافي، ولا يتوقف ذلك على معرض رمبرانت في عمان وحسب، بل كان هنالك أيضا معرض (كنوز عمان) الذي سيقام في قلب مدينة أمستردام والذي سيستمر أكثر من سبعة أشهر اعتباراً من الخامس عشر من أكتوبر القادم. وإنه لأمر رائع أن تسير قنوات التواصل الثقافي لبلدينا في الاتجاهين. وإنني آمل أن يحظى ولو بعضكم بزيارة المعرضين. شكراً جزيلاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق